في البدء أود الإشارة إلى الفرق بين المستشار والمشرف والمدرب أو
المدرب الخاص؛ فقد يحصل أحياناً بعض اللبس في فهم دور كل واحد منهم خاصة عندما يقوم المحترف بأداء مهمتين أو أكثر وكل واحدة تقع ضمن اختصاص مختلف كأن يقدم الاستشارة ويشرف على تنفيذ تلك
الاستشارة أو يدرب المنفذين على مهارات تنفيذها ولكن من المهم التمييز بينهم لأن كلاً
منهم يؤدي دوراً مختلفاً وله طبيعة متميزة يمكننا فهمها من خلال معرفة ما يتوقع من
كل منهم.
ثلاثتهم يهدفون إلى تطوير الأداء وتحسين الناتج ويقدمون خبرة ويستخدمون التواصل
لنقلها إلى المستفيد، ولكن لكلٍ منهم أسلوب ونطاق عمل، ففي حين تتركز مهمة المشرف
على التوجيه فقط ومتابعة أداء المستفيد لتنفيذ الحل وإبداء الملاحظات والتوجيهات
له نجد أن المدرب أو المدرب الشخصي يرافق المتدرب ويساهم عملياً في التنفيذ وترقية
مهارات المتدرب اللازمة لتنفيذ الحل وتطويرها إلى أن يتمكن من إتقانها بمفرده، بينما يتركز دور المستشار على البحث عن
سبب المشكلة وتحليل المعطيات ثم إعطاء توصياته بالحل السليم أو الأنسب. فالمستشار
يعطيك الحلول ويحدد لك اتجاه العمل، و المشرف يقوم بمراقبة وملاحظة أداءك لتنفيذ الخطة،
والمدرب يقوم بتدريبك على المهارات اللازمة لتطبيق الحل. وهو يختلف عن المعلم الذي
تكمن مهمته في تطوير مهارات التفكير إضافة إلى تقديم المعرفة. أما علاقة المدرب
بالمتدرب فهي أقرب إلى كونه شريك له، دور المشرف أشبه بدور الأب الذي يتابع ويراقب
أداء الابن ويعطيه التوجيهات أما المستشار فهو أشبه بالطبيب الذي يسال عن المشكلة
ويشخص الحالة ويصف الدواء.
هناك فئات متنوعة من المستشارين تتبع تصنيفات مختلفة، ولكن من
الشائع أن يتم تصنيف المستشارين حسب المجال الاقتصادي الذي يعملون فيه، أو حسب أسلوب
العمل المتبع فيه و تصنيف المهن التي تتعلق بذلك، يجب أن نلاحظ أن المستشار يقدم خبرة
متخصصة و هدفه هو تقديم دعم نحتاجه لتحقيق أهداف وظيفة معينة أو اتخاذ قرار يقع في
نطاق مسؤولية شخص معين أو مستوى إداري معين وذلك هو ما يحدد فئة المستشار الذي سيتم
اللجوء إليه.
فعلى الصعيد الفردي لدينا مثلا مستشار أكاديمي يقوم بتوجيه فرد
معين لاختيار التخصص العلمي أو المجال الدراسي في الجهات التعليمية مثل المعاهد أو
الجامعات المتاحة له وماهي متطلبات الحصول على تأهيل علمي معتمد، وهناك مستشار مهني
يقدم النصائح فيما يتعلق بالمسار الوظيفي للمستشير والفرص المتاحة والخيارات المتوفرة
له، وهناك مستشار تدريب ويقوم بتحديد الاحتياجات التدريبية للمستشير لتطوير مهارة معينة
أو عدة مهارات أو موهبة يمتلكها ويقدم له وسائل تطويرها وتنميتها ، ومستشار اجتماعي
أو شخصي يقوم بتقديم الاستشارة لشخص معين فيما يتعلق بالصورة العامة وإدارة العلاقات
الاجتماعية بمن تربطه بهم علاقات عمل أو زمالة أو بجمهوره ومتابعيه وغالباً ما يلجأ
المشاهير والشخصيات العامة إلى خدمات هذا النوع من المستشارين، ومستشار صحي وهو في
الغالب طبيب أو ممارس صحي معتمد يقوم بمتابعة الجوانب الصحية لشخص ما قد يكون محترفاً
رياضياً أو شخصاً عادياً برعايته أو تأهيله جسدياً وصحياً وتقديم المشورة في التعامل
مع حالته الخاصة، ومستشار أسري يقدم النصائح في مسائل تتعلق بالزواج والأسرة وتربية
الأبناء وغير ذلك، ومستشار نفسي وغالباً ما يكون مختصاً يقدم المساعدة للتغلب على حالة
معينة دائمة أو مستجدة أو يساعد على التكيف والتأقلم مع ظروف نفسية أو روحية يمر بها
المستشير، ومستشار مالي وهو محترف يقوم بتوجيه الأفراد للطريقة الأنسب لإدارة أموالهم
ومدخراتهم وأصولهم لتحقيق عائد أو تنظيم التصرف فيها بحكمة أو اتخاذ قرارات الاستثمار
أو الادخار فيها بصورة تجنبهم الخسائر، بالإضافة إلى أنواع وفئات أخرى متخصصة تتداخل
مع هذه الأنواع أو تتمايز عنها.
أما فيما يتعلق بالمؤسسات والمشاريع فهناك العديد من الأنواع
والاختصاصات تتمركز جميعها حول المجال الاقتصادي الصناعي الذي تعمل فيه المؤسسة و نموذج
الأعمال للمؤسسة وأهدافها ، و مراكز اتخاذ القرار فيها، وغالباً ما يتم اللجوء إلى
المستشار في حالتين:
-عند حدوث تغيير
في المنظمة أو جزء منها ويتطلب التعامل معه دعم القرارات التي تتخذها الإدارة، سواء
أكانت مشكلة أو أزمة أو فرصة أو تغييرات التوسع والنمو في أعمال المنظمة.
-مناطق تماس
أو التقاء مجالين أو أكثر مثل الحالات التي لا تمتلك فيها المنظمة خبرة كافية لضمان
التعاطي السليم مع الموقف أو حالة راهنة مع توفر خيارات للتصرف يمكن الاختيار فيما
بينها أو التأثير عليها.
وكثيراً ما تلجأ المؤسسات إلى مستشارين من تخصصات مختلفة مثل
المستشار المالي ومستشار الاستثمار وإدارة الأصول ومستشار التسويق والدعاية والعلاقات
العامة والمستشارين القانونيين ومستشاري الموارد البشرية وما يتعلق بالتوظيف والتدريب
وغير ذلك، والمستشار التقني ونظم المعلومات ومستشاري العمليات والتشغيل والمستشارين
الإداريين ومستشاري التخطيط إضافة إلى المستشارين الفنيين الذين لهم خبرة في مجال عمل
المؤسسة.
متى ألجأ للمستشار
؟
في الواقع ينطوي هذا السؤال على إجابة من نوع ما، الوعي بالمشكلة
أو الفرصة وإدراك التغيير الذي يحدث وملاحظة الخيارات الممكنة وتوقع نتائجها كل ذلك
وثيق الصلة بتحديد اللحظة المناسبة للبحث عن مستشار وهي أمور لا يتوقع أن تتوفر إلا
لمن لديه القدرة على الملاحظة والاستنتاج وبالتأكيد سيكون من الممكن توقع ذلك، وفي
مجال الأعمال إذا تم تصميم نظام العمل بشكل يسمح بتزويد الإدارة بالبيانات والمؤشرات
أولاً بأول فسيكون بالإمكان قراءة (مؤشرات الأداء) فيه وتوقع المشكلات قبل حدوثها بفترة
كافية فلا يوجد أفضل لغة الأرقام، مع ملاحظة أنه كلما تأخر اكتشاف المشكلة زاد احتمال
صعوبة الحل أو أن ذلك يترتب على ذلك اتخاذ حلول مكلفة ما لم تتوفر حلول إبداعية غير
تقليدية.
أيضاً عندما تكون بصدد استثمار مقدار ضخم من مواردك فهنا يكون
من الحكمة التأكد من عدم وجود خطأ قد يتسبب في ضياع تلك الموارد. كذلك يمكن أن تكون
إشارات التحذير أو التبشير التي تصدر من داخل العمل كملاحظات الموظفين وأعضاء الفريق
والعاملين وسيلة للتنبه إلى أهمية الاستعداد لشيء قادم يجعلنا نبحث عن الاستشارة المتخصصة
فلا ينبغي أن نغفل الإشارات القادمة ممن هم حولنا، وبشكل عام؛ إذا كان شئ ما لا يعمل
بالشكل المطلوب المرة تلو الأخرى فقد حان الوقت للحصول على رأي آخر.
كثيراً ما يهمل الناس الاستشارة في موضوعات ذات أهمية في حياتهم
رغم معرفتهم بأهميتها، ومن خلال خبرتي كمدير كنت أشترط على المتقدمين الذين يتم قبولهم
في وظيفة معينة أن يحصلوا على استشارة من مستشار قانوني أو محام لهم حرية اختياره يشرح
لهم بنود عقد العمل قبل توقيعه ، وتقوم المؤسسة بدفع أتعابه عنهم بعد تقديمهم ما يفيد
حصولهم على هذه الاستشارة، الهدف من ذلك التأكد من أن المرشح للوظيفة قد فهم بدقة ماهي
التزاماته وواجباته وحقوقه قبل التوقيع، ونتائج ذلك إيجابية للغاية.
أين أجد المستشار؟
أحياناً يتطلب الأمر أن تبدأ من حيث انتهى الآخرون، كل قصة نجاح
تحتوي على شيء نتعلم منه، هؤلاء الناجحون يمثلون كنزاً معرفياً إذا وجدت الفرصة لاستشارتهم،
أو الحصول على توصية منهم بمستشار مناسب، أيضاً هناك التجمعات المهنية، الروابط، غرف
التجارة، الجامعات والمؤسسات التعليمية والتدريبية، وإذا لم يجد كل ذلك نفعاً فيمكنك
ببساطة أن تعين مستشاراً ليوصلك إلى مستشار مختص في مجالك، أما كيف تتأكد من أن مستشارك
الوسيط هذا قدم لك أفضل ما يمكنه القيام به فيمكن أن تجد الجواب في النقطة التالية.
كيف تضمن جودة الاستشارة
المقدمة لك؟
هناك بعض الأمور التي يهم أن تكون في الحسبان، أولها أن طبيعة
المهمة التي يقوم بها المستشار تجعل التزامه بتقديم أقصى ما يمكنه تقديمه لك أمراً
يخضع لاعتبارات عديدة، وبرغم أن طبيعة العلاقة بين المستشير والمستشار قائمة على الثقة
من طرف المستشير والأمانة من طرف المستشار فلا يعني ذلك أنه لا يمكن لطالب الاستشارة
أن يتخذ التدابير التي تضمن حصوله على استشارة جيدة وموثوقة. إحدى هذه الطرق هي كتابة
اتفاق بين الطرفين يتم من خلاله وضع إطار قانوني للعلاقة بينهما ويضمن التزام كل منهما
بالجزء الخاص به بما يضمن تحقق الغاية المرجوة من الاستشارة.
هناك صيغ عديدة لاتفاقات من هذا النوع يمكن الرجوع إليها والاطلاع
على محتواها وانتخاب النموذج الملائم للحالة التي تتم الاستشارة فيها. وبحكم اختلاف
المجالات والتخصصات واختلاف شروط العمل فيها، يمكن للمستشير أن يطلع على النماذج والقوانين
التي توفرها النقابات والاتحادات المهنية والهيئات المانحة للتراخيص أو يرشحها الخبراء
في المجال وهي غالباً ما تكون متاحة للعامة، بعد ذلك يمكن لمستشارك القانوني أن يقوم
بتعديل صيغة العقد العام لتوافق احتياجاتك الخاصة، طبعاً من المهم أن يكون فهمك واضحاً
للهدف الذي ترغب في الوصول له أو النتيجة التي ترغب في الحصول عليها بعد الاستشارة
، وهنا يمكن لمستشارك القانوني أن يقوم ببقية العمل نيابة عنك. أحياناً تكون مطالباً
أمام رؤسائك أو المستثمرين في مشروعك أو غيرهم من أصحاب المصلحة بتقديم ما يثبت أنك
قمت بالجهد اللازم والكافي لإيجاد الحل للمشكلة التي تواجه مشروعك، وهنا يكون الاتفاق
المكتوب بينك وبين المستشار أو الجهة الاستشارية أفضل دليل على قيامك بذلك . كما أن
وجود عقد مكتوب يتيح للمستشير المرونة في تفويض غيره لمتابعة تنفيذ العقد والعمل بسلاسة
مع المستشار.
ماهي أهم النقاط
في عقد الاستشارة؟
هناك بعض النقاط التي من المهم أن تأخذ نصيبها من الاهتمام عند
كتابة عقد استشارة منها :
-أن تتم الإشارة
نصاً إلى أن وفاء المستشار بمهمته تكون بأن
يستوفي الأسئلة المحددة كموضوع للاستشارة. وأن تكون نتائج وتوصيات الاستشارة المقدمة
من المستشار مراعية لأصول حرفة أو مهنة المستشير ويمكن تطبيقها في مجاله وأنها متوافقة
مع القوانين الرسمية المنظمة لقطاع عمله يلتزم
المستشار بمسؤوليته عن أي انتهاك قانون معمول به خلال تنفيذ مهمته وأن عليه تحمل تلك
النتائج في حالة حدوث ذلك. وأن
المستشار يؤكد أن لديه التأهيل أو الخبرة التي تمكنه من تقديم استشارة في هذا الموضوع.
-أن يتم تحديد نطاق عمل المستشار، لمنع تجاوزه لما تم الاتفاق
عليه.
-من المهم أيضاً تحديد الشكل أو الطريقة الذي سيتم تقديم نتائج
الاستشارة فيه.
-أن يشير
الاتفاق إلى أن المستشار هو المسؤول عن التحقق واختبار دقة المعلومات التي يتم تزويده
بها إلا إذا اتفق مع المستشير على غير ذلك.
-أن يحدد من
المسؤول عن تحمل التكاليف الإضافية كالسفر والمواصلات والخدمات الأخرى التي تدعو
الحاجة إليها للقيام بمهام، وكيفية الاحتفاظ بالسندات والفواتير وعقود الخدمات التي
يتم طلبها كجزء من القيام بالاستشارة.
-أن يلتزم المستشار
بأنه إذا فوض شخصاً أو جهة استشارية أخرى بشيء من التزاماته في العقد فإن ذلك الشخص
أو تلك الجهة تلتزم أيضاً بعدم مخالفة التزامات المستشار في هذا العقد عند قيامها بمهمتها.
-من المهم في
بعض الأحيان أن يوضح من الذي يقيم عمل المستشار ويحكم بأنه تم وفق الشروط وأنه أدى
التزاماته وأتم عمله حسب المطلوب، وأن يحدد في حالة وقع خلاف كيف وتحت أي قانون أو
نظام تحكيم ستتم تسويته.
-أن يكون العقد
واضحاً ومحدداً في مسألة الأجور والأتعاب التي يطلبها المستشار مقابل عمله وخدماته،
كم ومتى يدفع وكيف يستلم.
-أن يوضح كيف
يتم التعامل إذا طرأ تغيير في الاتفاق وكيف يتم إثباته، وأن أي أذونات أو استثناءات
تتم مناقشتها بين الطرفين لا تسقط مسؤولية المستشار عن أداء عمله وتسليمه حسب الشروط.
-أن يحدد موعد
التسليم النهائي وما يترتب على التأخير من جزاءات أو غرامات إن تم الاتفاق على شئ من
ذلك.
-أن يتم اشتراط
سرية بيانات ومعلومات الخاصة بالمستشير والتي يمكن للمستشار الاطلاع عليها أثناء عمله،
كما يشترط تعهد المستشار بعدم استخدامها في أي عمل يضعه في موضع المنافس للمستشير،
وعدم بيع
نتائج الاستشارة لجهة أخرى.
-إقرار المستشار بأنه ليس هناك
أي تعارض في المصالح يجعل المستشار في موقف تكون فيه مصلحته ضد مصلحة المستشير وأنه
ملزم بالإفصاح عما يطرأ في هذا الجانب خلال فترة التعاقد.
يعطيك العافية طرح مميز و مفيد جدا
ردحذفزينب احمد(مديرة في قطاع خاص)
تحياتي لك وشكراً على مرورك !.،
ردحذف