فيروس كورونا - مفهوم الطاقة الإنتاجية - Coronavirus

مفهوم الطاقة الإنتاجية

ماهو أقصى مقدار يمكن أن ينتجه مصنع أو حدة إنتاج أو حتى شخص ما خلال فترة زمنية محددة ؟!

هذا هو مفهوم الطاقة الإنتاجية وهو مقدار كمي محدد نعبر به عما يمكننا إنتاجه وفق ظروف معينة.

وإذا كنا نتحدث عن مجموعة من الوحدات أو الأشخاص التي تعمل مع بعضها لإنتاج شيء محدد فمن المنطقي أن نعرف أننا مضطرون مهما كانت لدينا وحدات تتميز بالكفاءة والإنتاجية فنحن مضطرون إلى أن نعيد النظر في مخرجاتنا وأن نعتبر ببساطة أن طاقتنا الإنتاجية ستتحدد بناء على أبطأ جزء في المنظومة أو مايعرف بنقطة الاختناق في النظام. ربما لم يدر ببال أحد في بدايات انتشار مرض كوفيد ١٩ الذي تسببه العدوى بفيروس كورونا أن المنظومة الصحية ليست مستعدة للتعامل مع أكثر من ١٣ مريض في الشهر يرقدون في حجرات العناية الفائقة ويحتاجون جهاز تنفس اصطناعي !

وستتضح الصورة إذا ما القينا نظرة على عدد الإصابات المسجلة اليوم فقط في امريكا ٢٧٥٨٣ فرنسا ١١،٠٥٩ ، اسبانيا ٥٢٦٧ ، ألمانيا ٤٢٨٨ إصابة وسنشعر بالقلق إذا علمنا أن عدد الأسرة المتاحة في احدى أفضل هذه الدول من ناحية التجهيزات وهي ألمانيا لا تتعدى ٦٠٠ سرير عناية مركزة لكل ١٠٠ ألف شخص من السكان ، ولكن الصورة ستكون أكثر رعباً عندما نعلم أن الوفيات في هذه الدول بالفيروس اليوم فقط هي امريكا : ١٨٧٧،فرنسا : ١٤١٧ ، اسبانيا ٧٠٤، ألمانيا : ٢٠٦ ، بمعنى أنه من المحتمل أن عددا كبيرا من المتوفين توفي على بوابة المستشفى التي اكتظت اسرتها بمرضى آخرين بعضهم مازال موصولان بالأجهزة لخمسة أسابيع أو أكثر .

في أوقات كهذه لن يغني عدد العاملين الصحيين ولا توفر المعدات الطبية لأن النقطة البطيئة الأقل استيعاباً وتجاوباً هي التي حددت فعالية النظام، ربما اتجهت السلطات الصحية لوسائل تمكنها من تجنب الوصول للنقطة الحرجة أو نقطة الاختناق من خلال الكشف المبكر ومحاولة مساعدة المرضى في بداية إصابتهم ليتجنبوا الحاجة للتجهيزات التي تشهد تكدسا، ولكن كثيراً ما يحصل كما أشرنا في المقال السابق أن يكون الفيروس قد راوغ عملية اكتشافه بطرق عديدة حتى أوصل المريض إلى حالة يصعب فيها تقديم الكثير له.

ولكن وكما يعلم المديرون أن من الخطورة أن تعمل منظومة العمل بكامل الطاقة الإنتاجية أو الطاقة التصميمية القصوى Maximum Capacity لان ذلك قد يسبب توقف العمل في أي لحظة مع عدم إمكانية التعويض أو المحافظة على مستوى ثابت لذلك يتم تصميم المنظومة لتعطي عملها بكفاءة في ظروف اعتيادية وهو مايسمع بالطاقة الفاعلة أو effective Capacity ، وهنا يمكن تخصيص أوقات للفحص والصيانة وفترات راحة للعاملين .

التنبؤ

لذلك ومن خلال وعي المدير بأهمية الحفاظ على معدل الإنتاج يبدو أن من المهم أن يتمكن المدير من التنبؤ بالطلب Forecasting على المنتج والتصرف بسرعة لتغطية العدد المطلوب من الناتج سواء من خلال توسيع قوة العمل ، أو إعدادهم للقيام بمهام أكثر عن طريق أدوات مثل التدوير الوظيفي أو التدريب على مهارات معينة أو التعاقد مع موردين آخرين.

ويرتبط التنبؤ بعملية التخطيطواتخاذ القرار ات الإدارية وهو أهم عامل في نجاح منظومة العمل في التجاوب مع المتغيرات ويمكن من خلال الفحص المستمر والمعرفة بالبيئة الداخلية والبيئة الخارجية للنظام معرفة الخطوة التي يجب اتخاذها الآن بدل الانتظار حتى تجد الإدارة نفسها في وسط أزمة بسبب عدم الاستعداد المبكر بشكل كاف.

الوصول للمعلومات من أهم مايجب على المدير العناية به المعلومات الدقيقة والموثوقة وفي وقت مبكر، كذلك فإن الخبرة تلعب دوراً في التعرف على العوامل والأنماط المتكررة وماسيؤدي إليه تسلسل الأحداث، احيانا قد يكون فارق ساعات أو دقائق مابين التقاط الخبر واتخاذ الخطوة المناسبة هو مايحدد مستقبل ومصير وحدة العمل وإدارتها.

تستخدم طرق التحليل الإحصائية للبيانات كتحليل السلاسل الزمنية والتحليل الأسي وتحليل الانحدار ومعامل الارتباط وغير ذلك إضافة إلى الأساليب النوعية المعتادة الأخرى.

من المهم في موضوع التنبؤ هو الاستفادة من آراء الخبراء والمهتمين والتجمعات المهنية في كل مايؤثر على عمل وحدتك ، كل جديد تعرفه عن مجال عملك أو عن تجربة سابقة تطلع عليها قد يكون المفتاح الملهم لحلول فعالة ومنظمة

.

أهمية الابتكار

أحياناً يكون الابتكار هو مانحتاج إليه، فالحاجة أم الاختراع قد يجد المدير نفسه أمام مشكلة مؤكدة لمجال عمله وتظل جميع الحلول المطروحة قاصرة بشكل ما فيتعين التوصل لحل أكثر إبداعاً ولكن ذلك بالطبع يعتمد على إدراك جوهر المشكلة وأين نحن وما الذي نريد أن نصل إليه.

قد تكون فكرة عابرة غيرمألوفة هي بوابة الحل فكما أمكن لأشخاص استخدام طابعات ثلاثية الأبعاد لتصنيع أقنعة وجه وصمامات أكسجين ، أو أبواب لا تحتاج للمس بل وحتى جهاز تنفس اصطناعي قد يستطيع مبرمجون مثلاً توصيل جهاز تنفس اصطناعي بجهاز رئيسي قادر على إدارة وخدمة أكثر من مريض، أو ان يتم استخدام الإنترنت خاصة في وجود تقنية 5G عالية السرعة لتمكين الأطباء من متابعة أكثر من حالة وفي أكثر مكان ما يمكن من الاستفادة من مهارات عدد اكبر الطاقم من الأقل خبرة (1)، كما لا ننسى أن مشاركة المعلومات والعمل المشترك لباحثين متعددين في أنحاء العالم عبر الإنترنت كان السبب الأول في توحيد الجهود والتوصل لعلاج لفيروس ايبولا والتغلب على انخفاض الطاقة الإنتاجية لمختبرات لديها عدد محدود من الباحثين، أو اكتشاف طريقة لتأمين الطاقم الطبي المعرض لمقدار يصعب تخيله من المخاطر أثناء تعاملهم مع المرضى. لقد أثبت البشر على مر التاريخ مدى قدرتهم على الإتيان بحلول مدهشة وخلاقة في أشد الظروف وطأة وأشدها صعوبة ، قد ننظر إن جائحة فيروس كورونا كوفيد ١٩ على أنها الخطر الذي يعرضنا جميعاًكبشر لأشد أنواع الخطر لدرجة عزلنا أنفسنا وتباعدنا حرفياً عن بعضنا خوفاًمن أي اتصال قد يسبب لنا عدوى ولكن هناك حقيقة أخرى أننا جميعاً متصلون ببعض كمالم يحدث في أي وقت من قبل في كل مكان في العالم وربما لأول مرة نفكر في شيء رغم اختلاف لغاتنا وثقافاتنا وطرق تفكيرنا وأساليب حياتنا، موضوع واحد فهل سنحصل على مليار فكرة للحل، على الأقل؟ ربما

-----------------------------

(1) بعض هذه الأساليب استخدمت  بالفعل وتحقق نتائج مبشرة. 

ولدعم القرار يمكن مراجعة مقالة كيف تحدث الأخطاء على هذه المدونة

.