Navigation Menu

كيف تختار مستشارك؟ (1)


أهمية المعلومات  
النجاحات التي نحققها تعتمد بشكل كبير على ما يتوفر لدينا من المعلومات عما نريد الوصول إليه، وحتى لو كانت مهاراتنا كافية لتوظيف هذه المعلومات للوصول إلى الأهداف التي وضعناها فقد تكون تلك المهارات دون جدوى إذا لم تكن المعلومات بحد ذاتها صحيحة أو تم جمعها بطريقة خاطئة..
أحياناً يمكن للمعلومات بمجرد توفرها أن تحدد مدى ما يمكننا تحقيقه من الأهداف التي وضعناها، بل وقد تعطينا أحياناً فكرة عن مدى ملاءمة تلك الأهداف لإمكانياتنا وقدراتنا.
وبصرف النظر عن نوعية الأهداف التي نريد الوصول لها هل هي أهداف شخصية فردية، أم مهنية احترافية، أم مؤسسية تجارية؛ فإن قرار اختيار الهدف هو خطوة يفترض أنه قد تم اتخاذها بعناية ودراستها بدقة، وإنما نتحدث هنا عن العوامل التي يمكننا من خلالها تفعيل المعلومات المستقاة من الواقع لتعمل عملها في إنجاز المطلوب. أحد أهم العوامل هو عامل الخبرة، حيث أنه النادر أن تتكرر نفس المواقف ونفس الظروف والإمكانيات في كل مرة نقوم فيها بعمل أو ننفذ خطة ما وهذا يجعل مستوى النتائج يتأرجح صعوداً وهبوطاً حسب الظروف في كل مرة؛ ولكننا نجد أن أصحاب الخبرة قد طوروا فهمهم الخاص للأساليب الناجحة في العمل والأنماط الأكثر فعالية والأكفأ اقتصادياً للوصول للهدف، بل ونجد أنهم طوروا مهارة خاصة وهي إدراك الخطوات والأجزاء الأكثر أهمية في العملية ومايمكن استثناؤه أو تأجيله، وتمرسوا على اتخاذ قرارات المفاضلة بين مايمكن التخلي عنه في حالات معينة وما لايمكن التهاون فيه، وقد يكون ذلك متوقعاً لأن صاحب الخبرة قد سار في هذا الطريق مسبقاً ولن يكون كرائد الطريق للمرة الأولى. ولهذا أعتقد أنه لا يمكن قياس الخبرة إلا بوجود تغيير في الموقف مع وضوح الهدف في الحالتين بالطبع، أما قياسها عن طريق معرفة من يمكنه تعداد الخيارات الممكنة الحدوث وذكر الحالات النادرة فهو عبارة عن نوع من تضييع الوقت إذ يمكن تزويد من يتم اختبارهم بتلك الحالات في كتيب تعليمات مبسط، كما لايمكن أن نصرف الجهد لمحاولة معرفة من يستطيع تخمين ماهو الهدف لأن توضيحه هو من مهام من قام بالتوجيه، وإذا كان الهدف خافياً أو غامضاً فتلك مسؤولية المدير ( إلا إذا كان الغرض البحث عن مرشح لقيادة المجموعة ففي هذه الحالة نحن نبحث عن شيء آخر وليس الخبرة .(
ولكن هل يجب أن ينجز العمل بيد الخبير فقط!
وهل لدينا من الخبراء ما يكفي للاستجابة لمتطلبات النمو والتنمية والتطوير والتقدم؟
أو فلنقلها بوضوح هل لابد أن أمتلك شخصياً خبرة متكاملة كافية ومتوازنة في أي مجال ذي علاقة حتى أجرب تقنية جديدة أو أدخل سوقاً جديدة أو أتعامل مع ظروف جديدة؟!
هنا تظهر أهمية الاستشارة المختصة. مهمة المستشار أن يقدم خبرة متخصصة محايدة للإجابة عن أسئلة يفترض المستشير أنه من الأجدى أو الأصح أو الضروري أن يقوم بها شخص آخر لديه مواصفات معينة. والغريب أن لدى الناس مفاهيم مختلفة ومتباينة عن دور المستشار، ما بين من يرى أنه مجرد شخص يربت على كتفك قبل أن تقدم على ما تريد، ومن يرى أنه نبي من مهماته كشف المستقبل واجتراح المعجزات!
ولكن..أليس هذا ما ندفع مقابله ؟
ربما نعم وربما لا، لن أجادل القارئ في ذلك ولكن لنتحدث عن الأهم هنا: كيف تحصل على استشارة سليمة ومفيدة؟

ولنبدأ بالسؤال الأول :

 ماهي مواصفات المستشار ؟
طبيعة عمل المستشار تتطلب النضج والخبرة ليس ضرورياً أن يكون المستشار حاصلاً على رخصة مهنية لمزاولة الاستشارة في مجال معين إذا كان يقدم نصائح عامة أو ينشر ثقافة للمجتمع في موضوع ما ( إلا إذا كانت القوانين المحلية أو المعمول بها تشترط ذلك ) ولكن من المهم أن تعرف أن المشورات من هذا النوع يتحمل مسؤوليتها من يعمل بها، ولذلك لن تجد في الغالب مؤسسة أو منظمة أو مهنيين محترفين يبنون قراراتهم الاستثمارية أو يطلقون مشروعاتهم على مشورات من هذا النوع حتى وإن كانوا يضعون بالاعتبار النصائح العامة التي يقدمها الخبراء والآراء النقدية للباحثين وملاحظات المشاهير ولكنهم لايضعونها كأساس تبنى عليه قراراتهم، ولذلك قد تجد في بداية العديد من الكتب تنويهاً أو بياناً بعدم المسؤولية القانونية عن استخدام القاريء لمحتوى الكتاب بشكل يتعدى الغرض منه وأن عليه اللجوء للاستشارة المتخصصة في مجال كذا. ولكن من المؤشرات الجيدة على وعي وجدية طالب الاستشارة أن يقوم ببعض البحث عن الموضوع الذي يود الاستشارة فيه وهذا يمكنه لاحقاً من اختيار الشخص الأنسب والأفضل لاستشارته كما يوفر عليه الكثير من التنظيم عند جمع المعلومات اللازمة عند البدء في الاستشارة. الحقيقة أن هناك طلباً عالياً على المستشارين في مختلف المجالات، ومؤخراً جعلت المستويات العالية من التخصص لمنشآت الأعمال من وظيفة المستشار سواء المرخص أو غير المرخص، المستقل أو الذي يتبع أو يمثل جهة استشارية، المتفرغ أو الذي يعمل بدوام جزئي كل هؤلاء يحظون بطلب عال على خدماتهم، ويتقن العديد منهم الاستفادة من الأساليب التسويقية لعرض خبراتهم وإمكانياتهم ولكن ما يكون ملائماً للبعض قد لا يكون هو ما تريده، ولذلك أقدر كثيراً المستشارين الذين يقومون وعن طيب خاطر بتوجيه من يتقدم لاستشارتهم إلى من يحتاجونهم فعلاً في لفتة تذكرنا بسلوك رائع من تقاليدنا الأصيلة حينما كان البائع يدل المشتري فوراً وبكل أريحية على من يبيع غرضه وعند من يجده وكأن السوق بأجمعه يروج للغرض أو السلعة عند من كانت. ولا أعتقد يوماً أننا سنكون أقل احتياجاً في المستقبل لمثل هذا السلوك الراقي الذي يعكس القيم حتى وإن كانت شبكة الإنترنت تحمل كل تفاصيل ما نريده أو نظن أننا نريده، فحاجاتنا في ازدياد وأوقاتنا في تناقص، ومع قلة المحتوى المتاح باللغة المحلية أو نوعيته نحتاج كثيراً إلى مستشار يدلنا على مستشار آخر وهذه هي قصة المعرفة على أي حال.
كيف تختار المستشار المناسب لك ؟
حين تختار مستشاراً من المستحسن أن تبحث عن المواصفات التالية:
-أن يكون على معرفة بما يتحدث عنه.
الخلفية المعرفية مهمة، فكما أنه لا يتوقع أن يعرف الزبائن عن السلعة أكثر من البائع فيجب أن يكون لدى المستشار الخلفية المعرفية عن أصول المجال والأساسيات فيه ونماذج الأعمال والمنتجات والخدمات التي يقدمها المشروع موضع الاستشارة، بإمكانك التعرف على ذلك من خلال شهاداته الأكاديمية والمهنية التي تتعلق بمجالك، خبراته العملية، دوراته التدريبية ومن المهم أن يكون كل من ذلك له مرجع يمكن الرجوع إليه والتأكد، مرحلة التأكد من الخلفية العلمية للمستشار مهمة للغاية، وليست من الأمور التي يمكن التعجل فيها خاصة إذا كانت الاستشارة في قضية مهمة أو مصيرية أو ينطوي الفشل فيها على مخاطر.
غالباً ما يكون وجود ترخيص مهني يسمح للمستشار بمزاولة نشاط الاستشارات كافياً لذلك إذا كان مطابقاً لموضوع الاستشارة ولكن الترخيص بمفرده ليس كافياً ليضمن أن تتلقى الاستشارة أو الخدمة التي تبحث عنها، والترخيص كذلك له أهمية لأنه يعبر عن أن المستشار قادر على تحمل المسؤولية عن الاستشارة التي يقدمها.
-أن يكون على دراية بما تتحدث عنه.
هناك معلومات يمكن الحصول عليها بسهولة عن طريق الاحتكاك بأهل المجال وهناك معلومات يمكن الحصول عليها ببحث سريع على الإنترنت أو بمشاهدة بعض البرامج وقراءة بعض الكتب ولعلها نعمة عصر المعلومات إذ أصبحت أساسيات العلوم ومقدماتها متوفرة بأيدي الجميع ولكن المعرفة بالفروقات في الواقع العملي للمجال أو الصناعة وكيف يجري العمل في الميدان لا تتوفر إلا لمن لديهم الخبرة أو التجربة أو الاحتكاك بهذا المجال لفترة من الزمن وهذا هو الفرق بين المعلومات النظرية التي يمكن لأي شخص أن يعرفها بقليل من الجهد؛ وبين المعرفة الواقعية العملية في نفس المجال أو بمن يعملون في هذا المجال، أحياناً يكون المستشار المزيف قادراً على إدارة الحديث بمهارة بحيث يبدو مطلعاً كفاية على ما يجري ولكن قد يكون ذلك مؤقتاً ويتطلب منك المزيد من الحديث معه عن المشكلة أو مشاكل شائعة أخرى تحدث في مجالك يمكن من خلالها معرفة ما إذا كنتما تقفان على نفس المستوى بدل الحديث المطول عن آفاق المجال وآخر المستجدات فيه، قيام المستشار بالإشارة إلى حالات من مجال عملك أو لاعبين كبار في نفس دائرة تخصصك إشارة لها دلالة ومغزى عن معرفة مستشارك بواقعك ومجال عملك، ومن ذلك أن يكون مدركاً لمصلحتك أو مصلحة مشروعك وشبكة أصحاب المصالح المرتبطين أو المتأثرين بها (راجع موضوع سابق في المدونة بعنوان أصحاب المصلحة ) كذلك تقدم التوصيات وخطابات الشكر التي وجهت سابقاً للمستشار على جهود استشارية أدلة معقولة على درايته بشرط أن تكون ذات علاقة وثيقة بعملك أو الموضوع الذي نحن بصدده، وأن تكون صادرة عن أشخاص أو جهات يمكن التأكد والتحقق منها.
-أن يسهل التواصل معه
من المهم لتستفيد من المشورة التي تتلقاها وجود لغة مشتركة بينك وبين مستشارك، ليقدم لك شيئاً يمكنك فهمه واستخدامه، المصطلحات المعقدة والتعريفات ليست هي ما جئت لأجله فليست المسألة محاضرة علمية ولا حصة دراسية أو استعراض قدرات، يجب أن يكون خطاب المستشار ملائماً للمستوى المطلوب منه وأن يكون واضحاً ومنظماً وقادراً على التواصل مع مصادر المعلومات التي يحتاجها داخلياً و خارجياً وبشكل لا يحتمل الالتباس.

0 comments: